يا يَراعي لولا يدٌ لكَ عندي | عِفتُ نظمي في وَصفِكَ الأَشعارا |
يا يراعَ الأديبِ لولاكَ ما أص | بَح حَظُّ الأَدِيب يَشكُو العِثَارا |
غيرَ أني أحنو عليكَ وإن لَم | تَكُ عوناً في النائِبات وَجَارا |
أنتَ نِعمَ المُعينُ في الدهر لولا | أَنَّ للدّهرِ هِمَّةً لا تُجارى |
أنت نِعمَ الصديقُ في العيش لولا | أَنَّ للبؤس بَيننا أَو طَارا |
فَلَكَ اللَهُ مِن شِهَابٍ إذا ما | أَظلمت ليلةُ الهمومِ أَنَارَا |
يَتَمشَّى في الطِّرسِ مِشيةَ شيخ | مُطرِقِ الرأسِ يَجمُع الأَفكارا |
أو حبيبٍ سرَى لوعدِ حبيبٍ | يَلبسُ الليلَ خِفَيةً وَحِذَارا |
يتجلَّى في النقسِ شمسَ نهارٍ | في دُجى اللَّيلِ تبعثُ الأَنوارا |
جمعَ اللَه فِيه بين نقيضَي | نِ فكانَ الظَلامُ مِنه نَهَارا |
فَهوَ حِيناً نارٌ تلظَّى وحيناً | جنَّةُ الخُلدِ تنثر الأَزهارا |
وتراهُ وَرقَاءَ تَندبُ شَجواً | وَتَراهُ رَقطاءَ تَنفُثُ نارا |
وتَراهُ مُغَنِّياً إن شَدَا حَرَّ | م كَ بين الجَوانح الأَوتارا |
وتراهُ مُصَوِّراً يرسمُ الحُس | نَ ويُغرى بِرَسمِه الأَبصارا |
فَتخال القرطاسَ صفحةَ خدٍّ | وتخالُ المِدادَ فيه عِذارا |
هو جسر تمشى القلوبُ عليه | لتلاقي بينَ القلوبِ قَرارا |
صامتٌ تسمعُ العوالِمُ منه | أي صوتٍ يُناهِضُ الأقدارا |
فهو كالكهرباءِ غامضةَ الكُن | هِ وتبدُو بين الورى آثارا |
كم أثارَ اليراعُ خَطباً كَمِيناً | وأماتُ اليراعُ خَطبا مُثَاراً |
قطراتٌ من بَينَ شِقَيهِ سالَت | فأسالت منَ الدما أنهارا |
كان غُصناً فصارَ عُوداً ولكن | لم يزَل بعدُ يَحمُلِ الأَثمارا |
كان يَستَمطِرُ السماءَ فحال ال | أَمرُ فاستمطرَ العقولَ الغِزَارا |
يَسعَدُ الناس باليراعِ ويَلقى | ربُّه ذِلَّةً بهِ وصَغَارا |
واشقاءَ الأَديبِ هل وَتَرَ الده | رَ فلا زَالَ طالباً مِنهُ ثَارا |
أرفيقُ المحراثِ يحيا سعيداً | ورفيقُ اليراعِ يَقضى افتقارا |
ما جنى ذلك الشقاء ولكن | قد أرادَ القضاءُ أمراً فَصَارا |
ليس للنسر من جَناحٍ إذا لم | يجد النسرُ في الفضاءِ مطارا |
حاسبُوه على الذكاءِ وقالوا | حسبه صِيتُه البعيدُ فَخارا |
أَوهمُوهُ أن الذكاءَ ثراءٌ | فمضى يَسحبُ الذيولَ اغترارا |
يحسبُ النقد للقصيدةِ نَقداً | ويرى البيتَ في القصيدةِ دَارا |
ليس بِدعاً من هائمٍ في خيالٍ | أن يَرَى كلَّ أَصفرٍ دينارا |
إن بينَ المدادِ والحظِّ عَهداً | وذماماً لا يلتوى وجوارا |
فاللبيب اللبيبُ من ودَّع الطر | س وولى من اليراعِ فِرارا |