السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عن ابى ذر جندب بن جنادة وابى عبد الرحمن معاذ بن جبل رضى الله عنهما عن الرسول صل الله عليه وسلم (
اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن رواه الترمذى وقال حديث حسن
إن التقوى هى/
سفينة النجاة , ومفتاح كل خير , وهى الغاية العظمى, والمقصد الأسمى من العبادة, هى محاسبة دائمة للنفس, وخشية مستمرة لله, وحذر من أمواج الشهوات والشبهات التى تعيق من أراد السير إلى الله, هى الخوف من الجليل, والعمل بالتنزيل, والقناعة بالقليل, والأستعداد ليوم الرحيل...
ومن هنا كانت التقوى وصية الله للأولين والأخرين من خلقه حيث قال تعال:
(ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن أتقوا الله)
هى وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لجميع أمته ووصية السلف لبعضهم
التقوى
/ هى ليست كلمة تقال أو شعار يرفع,بل هى منهج الحياة, يترقع فيه المؤمن لذائذ الدنيا الفانية ويجتهد فيه بالمسابقة فى ميادين الطاعة ويبعد عن المعاص, وقد جسد أبى كعب لما سئٌل عن التقوى؟ فقال( هل أخذت طريقاً ذا شوك؟ قال نعم,فقال: إذا رايت الشوك عزلت عنه أو جاوزته أو قصرت عنه,فقال: ذاك التقوى..
وقد أخذ ابن المعتز رحمه الله المعنى وصاغه بأبيات شعر فقال:
خل الذنوب صغيرها وكبيرها ذاك التقوى
وأصنع كأنك ماشى فوق الشوك يحذر ما يرى
لا تحقرن صغيرةً إن الجبال من الحص
من تمام التقوى أن يترك العبد ما لا باس به خشية أن يقع فى الحرام ويشهد بذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم( فمن إتقى الشبهات فقد أستبراً لدينه وعرضه)وقال أبو الدارداء رضى الله عنه أن من تمام التقوى أن يتقى العبد الله حتى يترك بعض ما يرى أنه حلال خشية أن يكون حراماً فيكون حجاباً بينه وبين الحرام, فقد بين الله تعالى للعباد ما يصيرهم فقال تعالى:
( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (
)
فلا تحقرن من الخير شيئاً أن تفعله ولاشيئاً من الشر أن تتقيه
وفى قوله صلى الله عليه وسلم(أتق الله حيثما كنت) هنا تنبيه للمؤمن على ملازمة التقوى فى كل أحواله إنطلاقاً من أستشعاره لمراقبة الله له فى كل حركاته,وسره وجهره, وفيها حقيقة التقوى , وخشية الله , فمن خشى الله أمام الناس فليس بتقى وقد قال تعالى فى وصف عباده المؤمنين:
(مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (33) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34))
وقد يظن البعض أن المتقى معصوم من الزلل, وهذا التصويب خطأ فإن المتقى قد تعتريه الغفلة, فتقع منه المعصية,أو يحصل منه التفريط فى الطاعة وهذه هى طبيعة البشر المجلوبة على الضعف, ولكن المتقى يختلف عن غيره إذا تعترت به قدمه, بادر بالتوبة والأستغفار من ذنبه ولم يكتفى بذلك بل يتبع التوبة بميادين الطاعة, والإكثار من الأعمال الصالحة كما أمره ربه فقال تعالىالتقوى وأقم الصلاة طرفى النهار وزلفى من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين)ولهذا قال الحبيب صلى الله عليه وسلم(وأتبع السيئة بالحسنة تمحها)..
وللأخلاق مكانة عظيمة فى شريعتنا, فإنها ثقل ميزان العبد يوم الحساب , ويبلغ بها درجات الصائم القائم, وسبب لدخول الجنة فإن النبى لما سئٌل عن أكثر أهل الجنة من يدخلها قال التقوى تقوى الله وحسن الخلق) رواه احمد
والله أعلى وأعلم
أسال الله تعالى أن يجعلنا من عباده المتقين
سبحانك اللهم وبحمدك أشهدوا أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك