][]..[][قَبَسَـاتٌ مِن نُـورِ النبـوَّة][]..[][
قَبَسَـاتٌ نُـورِ النبـوَّة
السَّلامُ عَلَيْكم و رحمةُ اللهِ و بركاتُه ؛؛
إنَّ الحمدَ لله ، نحمده و نستعينه و نستغفره و نستهديه ، و نعوذُ بالله من شرور أنفسنا ، و مِن سيئات أعمالنا ، مَن يهده اللهُ فلا مُضِلَّ له ، و مَن يُضلل فلا هادىَ له ..
و بعـد ؛؛
فـ هَيَّا نعيشُ لحظاتٍ إيمانيةٍ مع رجلٍ من أعظم الرجال ، و شخصيةٍ من أفضل الشخصيات ، لم و لن يوجد مِثلَه ...
هَيَّا نعيشُ مع مواقفَ عَطِرَةٍ من حياة حبيبنا و نبينا و قدوتنا محمدٍ صلى الله عليه و سلم ، خاتم الأنبياء و المرسلين ، و رحمة الله للعالمين ، الذى زَكَّاه رَبُّه فقال : (( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيم )) [القلم : 4] .
قَبَسَـاتٌ نُـورِ النبـوَّة
اعلم أنَّ حُبَّ النبىِّ صلى الله عليه و سلم من الإيمان ، فهو القائل : (( فو الذى نفسى بيده ، لا يُؤمنُ أحدُكُم حتى أكونَ أحَبَّ إليه من والدهِ و ولدهِ و الناسِ أجمعين )) [رواه البخارى] .
و طاعةُ الرسول صلى الله عليه و سلم من طاعةِ الله، فقد قال رَبُّنا عَزَّ و جَلّ : (( مَن يُطِع الرَّسُولَ فَقَد أطَاعَ الله )) [النساء : 80] ، و اتِّبَاعُه صلى الله عليه و سلم سببٌ لِمَحَبَّة الله للعبد ، فقد قال سبحانه : (( قُل إِن كُنتُم تُحِبُّونَ اللهَ فاتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُم اللهُ وَ يَغْفِر لَكُم ذنُوبَكُم )) [آل عمران : 31] .
قَبَسَـاتٌ نُـورِ النبـوَّة
و لنبدأ مع خُلُقٍ من أخلاقه صلى الله عليه وسلم و هو :
))))) الحَيَـاء (((((
[][]
فعن أبى سعيدٍ الخُدْرِىّ - رضى الله عنه - قال : كان رسولُ الله صلى الله عليه و سلم أشدَّ حياءً من العَذراء فى خِدْرِها .. [متفقٌ عليه] ..
[][][][][]
))))) كما اتَّصَفَ صلى الله عليه وسلم بالصدقِ و الأمانة ، و كان يُلَقَّبُ قبل بِعثَته بالصادِقِ الأمين ..
و اتَّصَفَ أيضاً بفصاحةِ الكلام و بلاغةِ القول ، و بالجُودِ و الكرمِ و الشجاعة ، و كان أوفى الناس بالعهود ، و أوصلَهم للرحِم ، و كان يعفو و يصفح ، و كان ضحكُه تَبَسُّماً .
قَبَسَـاتٌ نُـورِ النبـوَّة
و لنأخذ بعضَ المواقف من حياته صلى الله عليه و سلم لتكونَ نوراً نستضئُ به فى حياتنا .
))))) النصيحـة (((((
[][]
كان النبىُّ صلى الله عليه و سلم يُقَدِّم النصيحة بأسلوبٍ سَهْلٍ لَيِّن يجعلُ الناسَ يُقبِلون عليه ، و لا يَمَلُّونَ من سماع حديثه ، و كان يختارُ الوقتَ المناسب لتقديمها ، و يختارُ الكلمات المناسبة ، و لا يُعَنِّف ، و مِن ذلك : فِعْلُه صلى الله عليه و سلم مع الأعرابى الذى بَالَ فى المسجد (وكُلُّنَا يعرفُ القصة) .. وقد قال صلى الله عليه و سلم : (( الدينُ النصيحة )) [رواه مسلم] ، و عن ابن مسعودٍ - رضى الله عنه - قال : كان النبى صلى الله عليه و سلم يَتَخَوَّلُنَا بالموعظة فى الأيام ، مَخَافة السآمة علينا .. [متفقٌ عليه] . ومعنى " يَتَخَوَّلُنَا " : يَتَعَهَّدُنا .
و يدخل فى باب النصيحة : الدعوةُ إلى الله ، و الأمرُ بالمعروف ، و النهىُ عن المنكر . فقد قال له رَبُّه سبحانه و تعالى : (( ادعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بالحِكْمَةِ و المَوْعِظَةِ الحَسَنَة )) [النحل : 125] ..
و كان ينصحُ نصيحةً عامةً أحياناً ، حتى لا يفضحَ الناسَ و يُسَبِّب لهم الحَرَج ، حسبما يتطلب الموقف ،، فيقول :
(( ما بالُ أقوامٍ يفعلونَ كذا و كذا )) ، و من ذلك قولُه صلى الله عليه و سلم : (( ما بالُ أقوامٍ يرفعون أبصارَهم إلى السماءِ فى صلاتهم )) فاشتد قولُه فى ذلك حتى قال : (( لَيَنْتَهُنَّ عن ذلك أو لَتُخَطَّفَنَّ أبصارُهم )) [رواه البخارى] .
و انظر لهذين الموقفين ،، لتتبينى كيفية تقديم النصيحة بأسلوبٍ سهلٍ يجذبُ الشخصَ و يُلَيِّن قلبه :
الموقف الأول : عن ابن عمر - رضى الله عنهما - قال : أخذ رسولُ اللهِ صلى الله عليه و سلم بمَنكبى فقال : (( كُن فى الدنيا كأنك غريب أو عابرُ سبيل )) [رواه البخارى] .
[]
و الموقف الثانى : عن مُعاذٍ - رضى الله عنه - أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه و سلم أخذ بيده و قال : (( يا مُعاذ ، و اللهِ إنِّى لأحبك ، ثم أُوصيك يا مُعاذ لا تَدَعَنَّ فى دُبُرِ كُلِّ صلاةٍ تقول : اللهم أَعِنِّى على ذِكرك و شُكرك و حُسْن عِبادتِك )) [رواه أبوداود والنسائى بإسنادٍ صحيح].
[]
فانظر - و تَعَلَّم ،،،، تَعَلَّم فَنَّ الدعوة و تقديم النصيحة .
ماذا عليك لو أردت أن تنصح أخاً لك فقل له : " أنا أُحِبُّك ، و أريدُ لكِ الخير ، و تَهمنى مَصلحتُك " ، ثم تُقَدِّم النصيحة ، و اللهِ لن يُكَلِّفَك ذلك شيئاً .
قَبَسَـاتٌ نُـورِ النبـوَّة
))))) التواضـع (((((
[][]
كان رسولُ الله صلى الله عليه و سلم مُتواضعاً غيرَ مُتعَالٍ على أصحابه ، و لا مُتَكَبِّرَاً على الناس ، و قد قال له رَبُّه سبحانه : (( و اخْفِض جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنينَ )) [الشعراء : 215] .
و عن أبى رِفاعة تميم بن أُسَيْد - رضى الله عنه - قال : انتهيتُ إلى رسولِ الله صلى الله عليه و سلم و هو يخطب .. فقلتُ : يا رسولَ الله ، رجلٌ غريب جاء يسألُ عن دينه لا يدرى ما دينُه ؟ فأقبلَ عَلَىَّ رسولُ الله و تركَ خُطْبته حتى انتهى إلىّ ، فأُتِىَ بكُرسىٍّ ، فقعد عليه ، و جعل يُعلِّمُنى مما عَلَّمَه الله ، ثم أتى خُطبته ، فأتمَّ آخرها . [رواه مسلم] .
فانظرى لتواضعه صلى الله عليه و سلم ، و اسمعى لكلام أنسٍ - رضى الله عنه - و هو يقول : (( إنْ كانت الأَمَةُ مِن إماء المدينة لتَأخذُ بيد النبىِّ صلى الله عليه و سلم ، فتنطلق به حيثُ شاءت )) [رواه البخارى] ، و عنه - رضى الله عنه - أنه مَرَّ على صِبيانٍ فسَلَّم عليهم و قال : كان النبىُّ صلى الله عليه وسلم يفعله .. [متفقٌ عليه] .
فانظر لتواضعه صلى الله عليه و سلم و لاقتداء الصحابةِ رضوانُ الله عليهم به .
قَبَسَـاتٌ نُـورِ النبـوَّة
))))) المُشَـاوَرَة ((((
[][]
كان النبى صلى الله عليه و سلم يُشاورُ أصحابَه فى أمورٍ كثيرة ، و يأخذُ برأيهم ، و قد قال له رَبُّه عَزَّ و جَلّ : (( وَ شَاوِرْهُم فِى الأَمْرِ )) [آل عمران : 159] ، و قال سبحانه : (( وَ أَمْرُهُم شُورَى بَيْنَهُم )) [الشورى : 38] ، كما كان يُشاورُ أزواجَه أحياناً ، كما حدث معه صلى الله عليه وسلم فى صُلح الحُدَيْبِيَة و استشارته لزوجه "أم سَلَمَة" رضى الله عنها ، و أخذه بمشورتها ، و التى كانت صائبة .
قَبَسَـاتٌ نُـورِ النبـوَّة
))))) و كان النبى صلى الله عليه و سلم إذا تَكَلَّمَ بكلمةٍ أعادها ثلاثاً حتى تُفهَمَ عنه ، و إذا أتى على قومٍ فسَلَّمَ عليهم سَلَّمَ ثلاثاً .. [رواه البخارى] ، و هذا محمولٌ على ما إذا كان الجَمْعُ كثيراً .
فانظروا - رحمكم الله - لأخلاقه صلى الله عليه و سلم ، و اقتديوا به ..
[]
إنَّ الواحده مِنَّا إذا مَرَّت بجماعةِ نساءٍ و سَلَّمَتْ عليهم و لم يَسمعنها غضبت و ندمت على أنْ سَلَّمَتْ عليهن ، و ادَّعَتْ عليهنَّ الأقاويل ، و قالت ما ليس فيهنّ ، مع أنَّ السُّنَّةَ أنْ تُسَلِّمَ ثلاثاً ، و تَعذُر مَن لم يسمعها ، فقد يكونُ صوتُها مُنخفضاً ، أو قد يكونُ هؤلاء النساء مُنشغلات بالحديث فلم يَسمعنها .
قَبَسَـاتٌ نُـورِ النبـوَّة
))))) وكان صلى الله عليه و سلم يعودُ المريض ، و يتَّبِع الجَنَازة .. و كان يقبلُ الهَدِيَّة ، و يُثيبُ عليها .
قَبَسَـاتٌ نُـورِ النبـوَّة
))))) و كان النبى صلى الله عليه و سلم على الرغم من مكانته العظيمة ، و على الرغم من أنه أُنزِلَ عليه القرآن ، كان يُحِبُّ أن يسمعه من غيره ، و يُعْجَب بقراءة أصحابه .. فعن أبى موسى الأشعرى - رضى الله عنه - أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه و سلم قال له : (( لو رأيتَنى و أنا أستمعُ إلى قراءتِك البَارِحة )) [رواه مسلم] ، و عن ابن مسعودٍ - رضى الله عنه - قال : قال لى النبىُّ صلى الله عليه و سلم : (( اقرأ عَلَىَّ القرآن )) فقلتُ : يا رسولَ الله ، أقرأ عليك ، و عليك أُنزِل ؟ قال : (( إنِّى أُحِبُّ أن أسمعه من غيرى )) ، فقرأتُ عليه سورةَ النساء حتى جئتُ إلى هذه الآية : (( فَكَيْفَ إذا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهيدٍ وَ جِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤلاءِ شَهِيدَاً )) قال : (( حَسْبُكَ الآن )) فالتَفَتُّ إليه فإذا عيناه تذرفان .. [متفقٌ عليه] .
قَبَسَـاتٌ نُـورِ النبـوَّة
))))) المُعَامَـلَة (((((
[][]
كان النبىُّ صلى الله عليه و سلم يُحِبُّ أصحابَه و يُعاملهم مُعامَلةً طيبة ، و قد قال عنهم : (( لا تَسُبُّوا أصحابى ، فإنَّ أحدَكم لو أنفقَ مِثْلَ أُحِدٍ ذهباً ما أدرك مُدَّ أحدهم و لا نصيفه )) [متفقٌ عليه] ، و قال : (( الأنصارُ لا يُحِبُّهم إلا مُؤمن ، و لا يَبغضهم إلا مُنافِق ، فمَن أحَبَّهم أحبَّه الله ، و مَن أبغضهم أبغضه الله )) [رواه البخارى] .
و عن تعامله مع المنافقين : فكان يَقبل علانيتهم و يَكِلْ سرائرهم إلى الله ، و يُجاهدهم بالحًجَّة ، و يُعرِض عنهم ، و يُغلِظ عليهم ، و يُبَلِّغ بالقول البليغ إلى نفوسهم .
أما عن معاملته صلى الله عليه و سلم لغير المسلمين من أهل الكتاب - اليهود و النصارى - و الكُفَّار و المشركين ، فقد ضربَ أروعَ الأمثلةِ فى ذلك ، فلم يَضطهدهم ، و لم يبدأ حربهم دون أنْ يَعرض عليهم الإسلام ، و لم يطردهم من بلاده ، بل إنه قال : (( مَن قتل مُعَاهَداً لم يَرَحْ رائحةَ الجنة ، و إنَّ ريحَها توجدُ من مسيرة أربعين عاماً )) [رواه البخارى] .
لم يقل : هؤلاء ليسوا على دينى ، و أنا لا أحبهم ، و لا أرغبُ فى رؤيتهم ، و سأطردهم من بلادى ...
لاااااا .. لم يقل شيئاً من ذلك .
قَبَسَـاتٌ نُـورِ النبـوَّة
))))) كان صلى الله عليه و سلم يصومُ يومى الاثنين و الخميس ، و يصومُ مِن كل شهرٍ ثلاثةَ أيام ، و غير ذلك من أنواع الصيام المستحبة ، و كان يعتكفُ العشرَ الأواخرَ من رمضان .
قَبَسَـاتٌ نُـورِ النبـوَّة
))))) كان النبى صلى الله عليه و سلم يَحُثُّ أصحابَه على الجهاد ، و على فِعْل الخير ، و على كُلِّ شئٍ فيه مَصلحتهم ، و لا ينظر لمصلحته الخاصة من وراء أفعاله .. و كان يَحُثُّ أصحابَه على طلب العلم ، فهو الذى قال له رَبُّه : (( وَ قُل رَبِّ زِدْنِى عِلْمَاً )) [طه : 114] ، فلم يَحُثُّه على الازدياد من شئٍ إلا العلم .. و انظروا لقوله صلى الله عليه و سلم : (( بَلِّغُوا عَنِّى و لو آية .... )) [رواه البخارى] .
قَبَسَـاتٌ نُـورِ النبـوَّة
))))) القِيَـادة (((((
[][]
نجح النبىُّ صلى الله عليه و سلم كقائد ، و يتبين ذلك من غزواته المختلفة ، و مِن تعامله مع جنوده ، و فى حُسْن قيادته لجيشه .
قَبَسَـاتٌ نُـورِ النبـوَّة
))))) و كان صلى الله عليه و سلم يضحك و يمزح مع أزواجه ، و مع أصحابه ، لكنْ لا يُبَالِغ فى ذلك .
قَبَسَـاتٌ نُـورِ النبـوَّة
))))) أما عن حياته صلى الله عليه و سلم داخل بيته ، فقد كان مِثَالاً يَقتدى به الأزواج .. و كان يَخدمُ أهلَه ، و يُرَقِّعُ ثوبه ، و يَخصفُ نعله .. و على الرغم من أنه كان فى ضِيقٍ من العيش داخل بيته ، و تَمُرُّ به ثلاثةُ أَهِلَّة فى شهرين و لا يُوقَد فى بيته نار ، فلم يتَضَجَّر و لم يَشتَكِ .. و كانت أحَبَّ أزواجه إليه عائشة رضى الله عنها .. كما كان صلى الله عليه و سلم وَفِيَّاً لزوجته خديجة رضى الله عنها حتى بعد وفاتها ، فلا يَذكُرها إلا بخير .. و كان يُمَازِحُ أهله .
فانظروا - أيها الأزواج - و تَعَلَّمُوا الصبر ، و تَعَلَّمُوا معاملةَ الزوجات .
و انظرن - أيتها الزوجات - لصبر الزوجات على فقر أزواجهن ، و لحُسْن العِشْرَة و التعامل .
و قد قال صلى الله عليه و سلم : (( استوصوا بالنساء خيراً )) [متفقٌ عليه] .
قَبَسَـاتٌ نُـورِ النبـوَّة
))))) و فى حَجَّة الوَدَاع ، و فى اليوم الثامن من ذى الحِجَّة - و هو يوم التروية - ألقى النبىُّ صلى الله عليه و سلم خُطْبَةً جَامِعَةً حَرَّم فيها الرِّبَا ، و وَصَّى فيها بالنساء ، و دعا المسلمين للتمسكِ بكتابِ الله و بسُنَّتِهِ صلى الله عليه و سلم ، و بالمحافظةِ على الصلاة ، و أداءِ الزكاة ، و غيرها من أمور الدين .. ثم خَطبَ يومَ النحر ، و مما قال فى خُطْبَتِه : (( إنَّ دماءَكم و أموالَكم و أعراضَكم عليكم حَرامٌ كحُرْمَةِ يومكم هذا ، فى بلدكم هذا ، فى شهركم هذا )) .