هذا الرجل هو محمد المسكى
الذى لما كان شاباً يبيع المراوح في الأحياء و بينما هو يتجول في الأزقة
بين البيوت ينادي ليبيع ما لديه من مراوح القش نادته فتاة من وراء الباب و
طلبت منه أن يدخل وراء الباب لترى ما لديه و لتنتقي منه المروحة المناسبة
و لما دخل أغلقت الباب و أخذت تهدده بأنه إذا صاح أو قام بأية محاولة
للخروج فإنها ستصيح بأعلى صوتها و سوف تجمع أهل الحي حوله و تدعي أنه دخل
عليها المنزل بالقوة ليغصبها شرفها .
بهت الفتى و راح يسأل السيدة عن السبب الذي جعلها تلجأ إلى مثل هذا التصرف و لم يفهم مرادها إلا عندما رآها تحاول أن تضمه إليها .
عندها ارتعدت فرائصه و علت جسده قشعريرة شديدة ، و لما رأى إصرارها و
تهديداتها إن امتنع عنها ما كان منه إلا أن يلتجئ في قلبه إلى الله سائلاً
إياه أن ينقذه من هذه الورطة .
فخطرت في باله حيلة تنجيه بإذن الله مما هو فيه
تظاهر بالرضا التام بما كانت تطلبه منه و تظاهر بأنه يريد قضاء حاجة و
سارعت ترشده إلى منتفعات المنزل و بينما هي راحت تعد نفسها خلا الفتى بنفسه
في المرحاض و أخذ الأقذار بيده و وضعها على جسمه و لطخ بها ثيابه ، ثم خرج
إليها ملطخاً بالأقذار تفوح منه الرائحة النتنة فلما رأته صاحت به : "
مجنون ... مجنون ... اخرج أيها المجنون ، و فتحت له الباب فخرج الفتى
مسرعاً يريد منزله .
و لم يبال و هو في الطريق من دهشة الناس و سخريتهم منه ما دام خرج منتصراً من معركة الشيطان
و لما وصل إلى منزله استحم حتى تطهر جسده و لبس ثياباً نظيفة و هو يرى أن ما فعله كان سبباً في سلامة إيمانه و طهارة روحه ...
و جلس بين أهله و شم الحاضرون رائحة المسك و راح منحوله يتفحصون الغرفة
ليعرفوا مصدر رائحة المسك التي ملأت المكان فلم يعرفوا لها مصدراً .
فأقبلوا نحوه فإذا رائحة المسك تفوح منه و لما ألحوا عليه عن سبب ذلك تحدث بالقصة دون ذكر مكان و بيت تلك الفتاة .
و بدأ الناس يتوافدون عليه ليشموا رائحة المسك التي لازمته طوال حياته يتحسسها الناس على بعد أمتار منه .
و غلب لقب المسكي عل اسمه حتى لم يعرف بعد ذلك إلا بذلك اللقب .
و ما ذلك إلا لأنه كان عفيفاً ، كف شهواته عن محارم الله ... رحمه الله تعالى ...
و صلى الله على سيدنا نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين
و الحمد لله رب العالمين...منقول