قرر حاكم موسر في أحد الأيام أن يولم لشعبه وليمة ولو لمرة واحدة في حياته
قال
يومها (البرّاح): لا إله إلا الله ما تْسمعوا غير الخير إن شاء الله راه
سيدنا الحاكم عارض عْليكم كاملين في أكبر زردة شافتها العين أوو راه بطاقة
الدعوة هي تجيبوا معاكم إناء من عرق البلح باش تفتح ليكم الشهية
كان يوما مشهودا فقد كانت الأسمطة عن آخرها تمتلئ بكل ما لذ وطاب من الأطعمة نكهتها أخرجت كل من في البيوت
كان
أحد العامة لا يملك عرقا يحضره معه إلا عرق جبينه وهو محضور في العزومات
وكان مترددا بين الشهية المنتظرة وقصر يده في المقبلات، إقرحت عليه زوجته
أن يبتاع له قليلا من أحدهم لديه وفرة منه. لكنه ــ وبدلا من ذلك وهو الذي
لا يأكل حتى يجوع وإذا أكل لا يشبع ــ رآى أن يحضر قنينة ماء بدلا من قنينة
عرق يعلم جيدا نذرة وجودها بين أمثاله وأن أحدا لن يكتشف الفرق في الخليط
ما دامت القنينات ستصب في صهريج واحد فهكذا سمع من المنادي، وبهذا تسنى
لجميع الأسرة الذهاب لهذه الزردة المرتقبة ففي طريقهم توقفوا أمام ينبوع
ومنه ملأوا قنينتهم بالماء
كانت أرتال الناس تحتشد قرب صهريج شاسع
شساعة المسابح العامة وكلا منهم يفرغ محتوى ما جاء به كانت يداه ترتعش خوفا
عندما جاء دوره وبدأ بالهرق وهو يتمتم (( لن يلاحظ أحد الفرق وكيف يميزون
ما كمه لا يتعدى جزء من آلاف الأجزاء ؟))
عندما جلس الجميع في أماكنهم المحددة أعطى الحاكم الإشارة ببدء الشرب كما تعهد لفتح الشهية وبالفعل دارت الكؤوس على الرؤوس
رشف
الجميع من كؤوسهم وبرشفها تناظروا حيارى فيما بين أنفسهم وكؤوسهم لا أحد
يجازف في النظر لمن سواه ثم أعادوا الرشف ليجدوا الحاكم وقد انتفخت أوداجه
وعبست أساريره.....
لقد واتت الجميع نفس الفكرة وتوقفوا على نفس
الينبوع وبالتالي لم تصب في صهريج الحاكم ولا قطرة من عرق.. إنما الكثير من
مياه الينبوع لأن الجميع لا يملكون البلح حتى .. فما بالك بعرقه
كالحاكم
الذي أخبره وزيره بالمجاعة التي أصابت شعبه فقال غير مكترث ردا على النبأ:
أخبرهم أن يأكلوه بقشوره ظنا منه أن الشعب يأكل من نفس العيش لبه
لقد
كان الجميع جوعى للمآدب الفاخرة اللهم صاحب السلطة الذي يرى الناس ترفل في
النعيم على شاكلته بينما بذخه الزائد أفقر الجميع بمعية اسرته ومتملقيه