بسم الله الرحمن الرحيم
روى القندوزي باسناده عن الريان بن الصلت، قال: «حضر الرضا عليه السّلام مجلس المأمون بمرو، وقد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق وخراسان فقال المأمون اخبروني عن معنى هذه الآية«ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا» فقالت العلماء أراد اللَّه عزّوجل بذلك الأمة كلها، فقال الرضا عليه السّلام: المراد بذلك العترة الطاهرة لأنه لو كان المراد الأمة لكانت باجمعها في الجنة لقول اللَّه عزّوجل «فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ»
«١»
ثم جمعهم كلهم في الجنة فقال «جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ» الآية. فصارت الوراثة للعترة الطاهرة لا لغيرهم، وهم الذين نزل بشأنهم «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» «٢»
وهم الذين قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم «انّي مخلّف فيكم الثقلين كتاب اللَّه وعترتي أهل بيتي الّا وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما أيها الناس لا تعلموهم فانهم أعلم منكم».
وقال الرضا عليه السّلام: ان الصدقات تحرم عليهم دون غيرهم، أما علمتم أنه وقعت الوراثة والطهارة على المصطفين المهتدين دون سائرهم لقول اللَّه تعالى:
«وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُم مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ» «٣»
فصارت وراثة النبوة والكتاب للمهتدين دون الفاسقين، وفضل العترة على غيرهم ثابت لقول اللَّه تعالى «إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ* ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» «٤» «